الظاهر بيبرس .. قاهر المغول ومرعب الصليبيين

الظاهر بيبرس .. قاهر المغول ومرعب الصليبيين



الظاهر بيبرس هو لقب ركن الدين العلائي البندقداري قاهر المغول والصليبيين ، ومن اقوى وأعظم حكام مصر عبر تاريخها والمؤسس الحقيقي لدولة المماليك ، تميز الظاهر بيبرس بالذكاء الشديد على المستوى العسكري والسياسي ، وهو الأمر النادر إجتماعه في حاكم .

حيث ان الظاهر بيبرس إستطاع ان يسحق اعتى اعداء المسلمين ، ولعل أشهرهم القوة الماغوليه الرهيبه التي اعتدت وخربت واحتلت الكثير من دول العالم دون رادع وقتلت العديد من المسلمين ، ولكن الظاهر بيبرس سلطان مصر إستطاع دحرهم والقضاء على دولتهم ، ناهيك عن حروبه ضد الصليبين والتي انتهت بأنتصارات عظيمه لصالح الدولة المملوكية المصرية ، دعونا نتعرف على الظاهر بيبرس من قريب .

مولد الظاهر بيبرس

ولد الظاهر بيبرس في التاسع عشر من يوليو عام 1221 ميلادياً ، في دولة كازاخستان مصاباً بمياه بيضاء في واحده من عينية ، لم يكن طفل سعيد حيث انه تم خطفه وهو في سن صغير وتم بيعه ما بين اسواق بغداد والشام، واشتراه والي حماه المنصور محمد الذي اكتشف الأصابة التي في عينه فأعاده للتاجر مره اخرى وهو في سن الـ14 عام ، الى ان ذهب التاجر به الى سوق دمشق.

 وهناك إستطاع بيعه بثمانية دراهم، ولكنه استرجع مره اخرى لنفس السبب، بعدها قام بشرائة الأمير علاء الدين البندقداري صاحب إحدى الخنقوات بـ"السيدة زينب" ، وسمي بيبرس بالبندقداري نسبتاً الى مالكه الجديد الذي صودرت جميع املاكه، من هنا بدأت تتحول حياة بيبرس  حيث ذهب لخدمة السلطان الأيوبي الملك الصالح نجم الدين ايوب، الذي اطلق صراحه ، بعد ان لمح في شخصيته القوة والصلابة والذكاء ، وهو ما جعل الملك الصالح يضع بيبرس على اول الطريق للحياة السياسية حيث منحه لقب امير.



مواصفات بيبرس الجسدية

كان يتمتع بيبرس بعينان زرقتان ولكن إحداهما بها نقطه بيضاء، تميز بطول وضخامة البنية الجسدية ، بجانب صوته القوي الذي يعكس صلابة شخصيته ، والتي تطورت مع مرور الوقت واصبح القائد الذي لم يهزم في اي معركه حربية، نظراً لفطنته العسكرية والسياسية التي كان يتمتع بها، بجانب بداية حياته التي تعرض خلالها للكثير من المشاكل جعلته طيلت الوقت تحت ضغط الظروف، وهو ما نتج عنه دخوله ضمن العظماء الذين تولو حكم مصر.

معركة المنصورة وقيادة بيبرس للجيش المصري

كادت مصر ان تتعرض لكارثة بعد ان شن الصليبيين المتمثلين في دولة فرنسا هجوماً كبيراً على الجيش المصري وقتل قائدهم فخر الدين بن الشيخ، مما اصاب الجيش بحالة من الأرتباك الشديده بين صفوفه، وهو ما نتج عنه توغل للفرنسين، ولكن بفضل الخطة الجهنمية التي وضعها بيبرس لـ"مصيدة المنصورة"، قلبت الحسابات مره اخرى لصالح الجيش المصري .

فيما قاد القائد بيبرس الجيش المصري متولياً المنصب حديثاً بفرمان من شجر الدر حاكمة مصر في تلك الحقبة بعد وفاة زوجها الملك الصالح، وبعد موافقة شجر الدر على خطة بيبرس قاد الأخير الجيش المصري بهجوم عكسي ضد الفرنجه، وكبدهم خسائر كبيرة، وصلت الى اسر قائدهم لويس التاسع، ووضعه في دار ابن لقمان.

بيبرس ما قبل معركة عين جالوت

بعد سنوات من الشد والجزم بين المماليك في الصراع على العرش وهروب المماليك البحرية الى خارج مصر هرباً من بطش الأمير ايبك الذي قتل أميرهم اقطاي، لشعورة بتوغلة وفرض نفوذه وسيطرته للوصول الى الحكم، خرج بيبرس مع المماليك، ولم يعودوا الى ان تولى سيف الدين قطز امارة مصر وارسل للماليك البحرية للدخول الى البلاد مره اخرى واكرمهم وعين بيبرس في الوزارة عام 1260 ميلادياً .

بعد الاجتياح الكبير الذي فرضه المغول على المشرق الإسلامي، مروراً بالعراق وإسقاط الدولة العباسية، وصولاً الى إرسال قائدهم هولاكو رسله الى قطز يحملون له مكتوب يتضمن شروط لأخضاع مصر تحت السيطرة المغوليه، وإلا سيتم اقتحامها من قبل الجيش المغولي الذي وصل سيطه الى جميع اركان العالم بسبب الوحشية التي اشتهروا بها خلال اقتحام البلاد.

قطز يستشير بيبرس قبل شرارة عين جالوت

واثناء استقبال قطز لرسل المغول ومعرفته بالتهديد الذي يحملونه له اجتمع مع سادة الدولة للبث في الأمر، حيث اكدوا له ان قتال المغول هو الطريق الصحيح، وقبل ان يرد قطز على الرسل استشار بيبرس منفرداً، والذي كان يشغل منصب أمير الأمراء، فعرض عليه بيبرس ان يقتل رسل المغول، وان يستعد للدخول في حرب ضدهم خارج البلاد قبل وصولهم.

 وبالفعل نفذ الملك قطز كل ما املاه له بيبرس وقام بقتل الرسل المقدر عددهم بـ6، وقام بتعليق رؤسهم على باب زويله، فيما وصلت معلومات للمسلمين من صارم الدين الأشرفي، الذي وقع اسيراً لدى المغول اثناء غزوهم الشام وقبل بعدها الخدمه في صفوفهم، حيث اخبر المسلمين بأن المغول عددهم قليل، فيما استفاد المسلمين من رحيل هولاكو قائد المغول الى بلاد فارس، ومعه الكثير من جيشه، وذلك بعد معرفته بوفاة اخيه الخان الأعظم.

 ولكن تبقى في الشام ما بين 10 الاف الى 20 الف جندي مغولي، فخرج سيف الدين قطز وبيبرس لمواجهتهم خارج البلاد وبالتحديد في الشام التي استولوا عليها، فقسم قطز جيشه الى قسمين القسم الأول المقدمة بقيادة بيبرس، وما يتبقى من الجيش يختبيء في الوديان والجبال .

ثم يهاجم بيبرس المغول لفترة ثم ينسحب مع مقاتليه حتى يظهر لقائد المغول وقتها "كتبغا"، بأن المسلمين قد هزموا وفروا امام جيشه العظيم وبالفعل دخلت تلك الحيلة على كتبغا، الذي ذهب ورائهم مسرعاً بجيشه المغولي كاملاً، بينما كتيبة بيبرس تراجعت الى ما بين التلال المنصوب فيها الكمين، وتزامناً مع وصول المغول، ظهر قطز مع جيش المسلمين من التلال وحاصروا المغول وهزموهم شر هزيمة وإستطاعوا قتل قائدهم كتبغا، ويعتبر بيبرس هو من خطط لتلك المعركة .



قتل قطز وتولي بيبرس الحكم

طارد المسلمين المغول في كل بقعه احتلوها بالمنطقه فبعد موقعة عين جالوت حرر المسلمين دمشق وحماة وحمص، فيما قام قطز بتكليف بيبرس بطرد التتار من حلب، وطلب منه نيابتها بعد طردهم، ولكن تفاجأ بيبرس بعد نجاحه في المهمة وتسليمها للمسلمين بتعين علاء الدين ابن صاحب الموصل، من هنا نشبت خلافات بين قطز وبيبرس، مما جعل الأخير لا يتدخل عندما اقدم مجموعة من المماليك على قتل قطز، ولكنة لم يشارك في قتله، وذلك اثناء رحلة صيد ليتولى بيبرس بعدها حكم مصر بعد ان طلبه، ويصبح السلطان الرابع للدولة المملوكية.

حرب بيبرس ضد الصليبيين

قرر السلطان بيبرس ان ينتقم من الصليبيين الذين ساعدو المغول  في حربهم ضد المسلمين ودمروا بلادهم، لاسيما وان هلاكو قد مات في ذلك الوقت واصبح خليفته اباقا منشغلاً في حروب داخليه ضد المغول الذين دخلو الى الإسلام، فبدأ بيبرس بتوعد الصليبين وكانت مملكة ارمينيا الصغرى هي قبلته الأولى في حربه ضد الصليبين، خاصة وان ملك تلك الدولة ويدعى ابن هيثوم قد تحالف بشكل رسمي مع المغول لقتل المسلمين.

محاولة هيثوم كسب ود بيبرس لتفادي الحرب

ارسل ملك ارمينيا هيثوم بن قسطنطين ارسال سفراء لعقد هدنة وتجنب الحرب التي لم يستطيع مجراتها ضد المسلمين في ذلك الوقت، ولكن رفض بيبرس الهدنة وطلب منه دفع الجزية، وإخضاعه لدولته، ولكن خوف ملك أرمينيا من المغول جعله يرفض طلب مصر، وعلى طريقة المثل الدارج :"ياروح ما بعدك روح"، قرر هيثوم عداء مصر وفرض حصار إقتصادي عليها، وذلك بمنع الإستراد والتصدير من اسيا الصغرى الى مصر، حتى لا تقوى شوكة المماليك اكثر بالنمو الإقتصادي.

 ولكن شعر هيثوم بأن بيبرس اتخذ قرار الحرب ولا رجعه فيه من اجل غزو بلاد ارمينيا، فهرول مسرعاً الى المغول المتواجدين في الأناضول ليساعدوه في التخلص من المماليك، الذين يهددون مملكته، ولكن امراء المغول رفضوا معليلين ذلك بأن قائدهم وقتها اباقا، لم يعطيهم الأمر لعمل ذلك، فهرول هيثوم الى ملك الخانات المغول اباقا نفسه لطلب العون منه، وفي ذلك الوقت قد اعطى هيثوم فرمان لأبنائه ليو وثوروس برفع درجة الإستعداد الى الحرب في صفوف الجيش الأرمني.

هجوم الجيش المصري على ارمينيا

ولكن لم ينتظره المماليك الذين علموا بخروج هيثوم لطلب العون من المغول، وحركوا اساطيلهم بقيادة المنصور ابن قلاوون والملك المنصور الأيوبي صاحب حماة الى الشمال، فيما حاول الأرمن منع الجيش المصري من الهبوط من سهل قليقة، وهنا نشبت بين المصريين والأرمن معركة طاحنة في عام 1266 ميلادياً، إستطاع خلالها المصريين من دحر الأرمن في حصن دربساك واسر ليو وقتل نوروس ابناء هيثوم.

ثم اعقبها هجوم على المدن الرئيسية في ارمينيا، وعاد جيش المسلمين الى حلب ومعه اربعون الف اسير وغنائم لاتحصى، وذلك بعد عشرون يوماً من القتال، وكان الملك هيثوم يريد ان يخلص ابنه من الأسر فتنازل للملك بيبرس عن الكثير من الأشياء المهمة داخل ارمينيا.

توفى الظاهر بيبرس عام 1277ميلادياً ودفن بدمشق بعد 17 عام من حكم مصر، ليتولى بعده اولاده وعلى رأسهم ناصر الدين ولكنه لم يستمر طويلاً ليصعد مكانه المنصور قلاوون.

المصدر: ويكيبيديا