إمارة باري المنسية .. هنا أذل المسلمون إيطاليا


إمارة باري المنسية .. هنا أذل المسلمون إيطاليا 

إمارة باري الإسلامية

إمارة باري الإسلامية هي مدينة تقع في جنوب إيطاليا حكمها المسلمين العرب لعقود وتجاهل المؤرخين الحديث عن تاريخها، حتى أصبحت من ضمن التاريخ الإسلامي المنسي، كما ان إمارة باري الإسلامية قد شكللت عبأ كبيرعلى الرهبان والقساوسة الإيطاليين الذين حاولو لفترات كبيرة تجاهل تلك الإمارة وعدم ذكرها في مصادرهم، بسبب حكم العرب المسلمين للإمارة رغماً عن إيطاليا، ولكن هناك رهبان قد تحدثوا عن إمارة باري في بعض مصادرهم، ولكن  بعد انهاء حكم المسلمين عليها ، حتى يرمون الإفترائات عليهم وذلك يرجع الى الحقد والغل الكبير الذي مليء قلوبهم تجاة كل شيء مسلم ، لاسيما وان معظم كتابتهم عن فترة حكم المسلمين لإمارة باري كانت تميل الى لغة الكراهية ضد المسلمين ووصفهم بالكفار.

لم تكن تلك الكراهية متوقفه على الرهبان الإيطاليين فقط، ولكن هو الحال ايضاً عند اغلب المؤرخين الغرب الذين كتبوا عن إمارة باري الإسلامية، حيث انهم كانوا يكنون البغيضة والكراهية تجاة المسلمين وهو ما أثر بشكل ملحوظ على كتابتهم ووصفهم للحياة بأمارة باري.


إمارة باري

إمارة باري حكمها العرب المسلمين من عام 847 م الى 871م، بدأت باري في التكوين بمقاطعة بوليا الواقعة جنوب إيطاليا، حكم المسلمون العرب إمارة باري 24 عاماً وهي المدة الأطول لحكم المسلمين على أماكن جنوب إيطاليا، على الرغم من ان هناك مجموعه من المسلميين المعاصرين لا يعطوا أهمية كبيرة الى فترة حكم الإسلام في إمارة باري ، وذلك يرجع الى كونهم ينظروا لها بانها منطقة تم السيطرة عليها بواسطة عدد من المغامرين، مما جعل القوى الإسلامية في العالم يتجاهلوها ويهمشوها، ناهيك عن ان الحاكم الثاني قد ناشد الخليفة العباسي عن طريق والي مصر بأن يجعله ولياً على باري.



فتح إمارة باري

كانت باري بين نصب أعين القائد العسكري "خلفون"، الذي كان يقود عدد من البربر والعرب في مقاطعة بوليا، حتى خطط واعد  العدة لمحاصرة باري والإستلاء عليها ، وبالفعل نجح في محاصرتها، ولكنه فشل في فتح المدينة المحصنة في البداية وأستمر في حصار باري ، حتى نفذت موارد سكانها من المسيحيين شيئاً فشيء، ومع تزايد وتشديد خلفون حصاره على المدينة وحاجة اهلها لجلب الموارد من اجل الإستمرار في المقاومة، أكتشف أحد جنود خلفون ثغرة للدخول الى المدينة.

 الثغرة كانت عبارة عن فتحه في سور المدينة، لم يتردد خلفون للدخول منها فور معرفته هو وجنوده، وفاجأو جنود"اللومبارديين"، الذين كانوا في حالة من النوم العميق، بعد سهرهم الطويل من اجل الحفاظ على اسوار المدينة حتى لا يدخلها خلفون وجنوده، الى ان انتهت المعركة بإنتصار خلفون والسيطرة الكاملة على مدينة باري ، من هنا أعلن خلفون نفسة ولياً على تلك المدينة ودخل في تفاوض مع الطائفة المسيحية من اجل تأمين الطعام والشراب وكل ما يحتجونه، كما انه جعلهم يحتفظوا بقضائهم دون المساس به، كما انه سمح لهم إقامة شعائرهم الدينية دون مساس من احد او اقتراب احد من اماكن العبادة ليقيموا طقوسهم الدينية في امان ، دون تدخل من احد.


إمارة باري

مقتل خلفون وتولي مفرق بن سلام إمارة باري

حاول خلفون ان يضمن ولاء سكان باري وهم من العرب والبربر والمسيحيين واليهود، فكان هدفة الاول هو إرضاء الكل، ولكن هناك مشاكل نشبت بين جميع الطوائف بمدينة باري فجأتاً، وبالتحديد بين العرب والبربر، وهو ما ادى الى مقتل خلفون نتيجة تلك الخلافات ، وتولي مفرق بن سلام حكم إمارة باري ليكون الحاكم الثاني لها، والى الأن لم يستدل على القصة الحقيقية وراء تولي مفرق الحكم، ولكنه ذكر في التاريخ بأنه كان تقي وقام ببناء اول مسجد كبير في وسط غمارة باري.

لم يقف مفرق عند هذا فقط، ولكنه استكمل ما بدأه خلفون، وذلك بفتحه لعدد من الدويلات الصغيرة التي تحاوط إمارته باري ومنهم:"بنبفينتو، ومملكة باري، وتليزي، وإمارة سبولتو، وساليرنو، ونجح بالفعل في القضاء على اي تحرك مستقبلي ضد إمارة باري من تلك الدويلات التي تحاصرة من كل اتجاه.

كما ان مفرق قد نشبت بينه وبين جنود من "اللومبارديين"، خلاف ادى الى معركة كبيرة انتصر فيها مفرق، واصبحت إمارة باري في عهدة قبلة للمسلمين يلجأو إليها من كل انحاء إيطاليا.

سودان فخر إمارة باري الإسلامية

من قديم الأزل وهناك اعداء داخليين متربصين لسقوط الدولة ، وهو ما حدث بالضبط مع الامير مفرق حاكم إمارة باري، لاسيما وان نار الفتنه أكلت الأخضر واليابس داخل إمارة باري ، بسبب خلاف ما بين البربر والعرب، ادى الى مقتل الأمير مفرق، وتولي الأمير سودان الماوري، بعد تنصيبة من قبل البربر، ولكنه حاول ان يظهر جلياً بأنه يميل الى العدل وبدأ بتقسيم الأراضي والغنائم بالتساوي بين العرب والبربر، كما هو الحال مع المناصب القيادية بألإمارة والتي وزعت بالتساوي، ناهيك عن إظهار عدم تزمته الديني.

وعقد سودان هدنة ما بين العرب والمسيحيين هي الأولى من نوعها في إمارة باري، نتج عن تلك الإتفاقية إخلاء سبيل عدد من الاسرى على رأسهم قائد كبير لإمارة "بنبفينتو"، ثم خاض عدد من الفتوحات وبدأها بمدينة كابوا، تلاها كونزا، وليبوريا، الى ان توجه وعقد العزم على فتح نابولي، ولكن انتشر مرض "الكولرا"، في ذلك الوقت فوقف دون ان يستكمل فتح نابولي، وفي طريق عودته مع الجيش ظهر امامة جيش من الروم فجاة ودارت بينهم معركة كبيرة لم يشهدها من قبل، ولكنه انتصر في تلك المعركة التي سماها الإيطاليون بعد ذلك بأسم "الشرسة"، نظراً لشراستها، تلك المعركة بالتحديد كانت لها صداها مع الصليبيين الذين اهتزت عروشهم من الهزيمة التي تلقوها على يد سودان.
  
بدأ الأمير سودان في تقوية نفوذه وصلابة جيشة ، وهو ما جعله يرسل رسالة في عام 816م، الى الخليفة المتوكل بمقر خلافته ببغداد ، يطالبة بتنصيبه ولياً على باري ، ولكن المتوكل قتل قبل ان يرد، وفي ظل الإضطرابات التي ضربت العالم الإسلامي بعد مقتل المتوكل، نصب سودان نفسة سلطان، وأصبحت إمارة باري هي مركز الفتوحات الإسلامية.


سودان إمارة باري الإسلامية


سقوط إمارة باري الإسلامية

بعد الهزائم التي لحقت بالصلبيين، قرروا إقامة تحالف جديد يجمع القوى المسيحية المتمثلة في الإمبراطور"لودفيك الثاني، وامير"بينبفينتو، وسبوليتو، ونابولي، وتعاهدو على القضاء على إمارة باري وان حرب إحداهم مع المسلمين تعتبر حرب موجهه للثلاث، وفي عام 866م قرر الإمبراطور ان يحمي المسيحيين وينجدهم من حكم إمارة باري الكافرة على حد وصفه، وتحرك ولكنه فشل في حصار باري، خاصة وانه لا يملك أسطول بحري يستطيع ان يفرض قوته على باري الإسلامية، على طريقة المثل الدارج"لف وارجع تاني".

 وبالفعل تراجع الإمبراطور المريض ، واستعان بجماعات من المسلمين من صربيا والقسطنطينية، هؤلاء حاصرو قوات إمارة باري لمدة أربع سنوات، مما جعل الإمارة تستنجد بشقيقتها صقلية، ولكنها لم ترد ففرض على إمارة باري التحرك بمفردها بعد ان اخلت بها صقلية وفي 2 فبرايرعام 871م إستطاع التحالف الكبير جداً الذي تكالب على إمارة باري الإسلامية، ان يقتحم اسوارها مستغلاً نقص الطعام والأدوات اللازمة للحياة، وكان الإمبراطور قد اقسم على قتل كل مسلم "كافر" يقابله، وهو ما حدث بالفعل، حيث ذبح الإمبراطور الاسرى من النساء والأطفال والرجال.