معركة الزلاقة .. من المعتمد عباد الى يوسف تشافين :"الوحدة قوة"

معركة الزلاقة .. من المعتمد عباد الى يوسف تشافين :"الوحدة قوة"


معركة الزلاقة

معركة الزلاقة او كما يطلق عليها البعض معركة سهل الزلاقة، تعتبر من أعنف الحروب الإسلامية ضد صليبي الأندلس، نشبت تلك المعركة الحربية بين جيش المعتمد بن عباد المندمج تحت راية دولة المرابطين ضد جيش ألفونسو السادس ملك قشتالة، تلك الدولة التي كانت تكن كل الحقد والكراهية للإسلام والمسلمين لفترات طويلة، كانت معركة سهل الزلاقة بمثابة طوق النجاة للمسلمين، لاسيما وانها أوقفت توسع الصليبيين لمدة قرنين ونصف، تزامناً مع عصر ملوك الطوائف الضعيف، حدثت معركة سهل الزلاقة في عام 1086م،  وعلى الرغم من ان حدوثها جاء قبل 114 عام من معركة الأرك الخالدة التي خاضتها دولة الموحدين بقيادة ابو يوسف يعقوب المنصور ضد القشاتله ايضاً، إلا ان للوهله الأولى تشعر وان هناك تفاصيل كثيرة مشابهه للدوافع التي تقف وراء المعركتين وحتى خطة معركة الأرك مشابهه بشكل كبير مع خطة معركة الزلاقة أو معركة سهل الزلاقة ، وهو حقد وغل القشاتله الصليبيين ضد المسلمين، وفي هذا المقال سنتعرف على معلومات عن معركة الزلاقة .


الزلاقة اول معركة كبيرة شهدتها شبه الجزيرة 

قبل حدوث معركة سهل الزلاقة بقيادة يوسف بن تشافين والمعتمد بن عباد، كانت الدولة الإسلامية تعيش فترة ضعف كبيرة، وذلك فيما يعرف بعصر ملوك الطوائف، لاسيما وان الدولة الإسلامية فرضت سيطرتها بشكل كبير خلال العصرين العباسي والأموي، إلا ان حكام الطوائف قررو ان ينفرد كل حاكم بإقليمه الخاص بعيداً عن راية الدولة الإسلامية الموحده كما كان معهود، وهو ما ادى الى وهن وضعف كبير كاد ان يضيع فتوحات الدولة الإسلامية في بلاد الأندلس، لولا معركة الزلاقة أو معركة سهل الزلاقة.

استغل الملك ألفونسو السادس ملك دولة القشاتلة، تلك التقلبات التي حدثت بالدولة الإسلامية وتقسيمها الى اقاليم لكل إقليم حاكمه الخاص، وتحرك مع جيشه الصليبي تجاه قرطبة، واثناء التحرك قتل الكثير من أهالي المدن الإسلامية ودمر مودنهم، دون رادع فكل حاكم مشغول بكرسيه.


محاولة المعتمد بن عباد صد الزحف الصليبي

عند وصول خبر للمعتمد بن عباد بأن جيش قشتاليه بقيادة ألفونسو السادس تحرك، تجاه دول المسلمين وبالتحديد الى قرطبة، دعى ملوك الطوائف للإجتماع من أجل البث في الأضرار التي ستصيب الدول الإسلامية في المنطقة من هذا المد الصليبي، لاسيما وان ألفونسو السادس قد وصل بجيشه الى إشبيلية وحاصرها لثلاث ليالي.

وعلى الرغم من الكارثة التي من الممكن ان تحل بالإسلام والمسلمين بسبب ذلك الزحف، إلا ان ملوك الطوائف قابلو دعوة المعتمد بالتصدي للصليبيين بلا مبالاه،  ولم يتقدم أحد منهم بمقترح من أجل وقف ذلك الزحف الصليبي، وهو ما جعل المعتمد بن عباد يرسل الى يوسف بن تاشفين سلطان دولة المرابطين المتواجده بالمغرب الإسلامي، من اجل إمداده ومساعدته بالإمكانيات اللازمه لصد الصليبيين القشاتله، في ظل معارضة الكثير من ملوك الطوائف خوفاً من سيطرة دولة المرابطين على بلادهم وضمها تحت رايتها، ومن هنا جاء المقولة الشهيرة للمعتمد بن عباد حينما قال:"لأن أرعى الإبل عند بن تاشفين أحب إلي من رعي الخنازير عند ألفونسو"، وبالفعل كادت الأندلس تضيع عن بكرة أبيها لولا إستغاثة المعتمد بن عباد بسلطان دولة المرابطين.

ما قبل معركة الزلاقة

إستجاب يوسف بن تاشفين سلطان دولة المرابطين وبطل معركة الزلاقة والتي تعتبر أول معركة كبيرة شهدتها شبه الجزيرة الإيبيرية لدعوة المعتمد عباد، ودخل الى الأندلس مع جيش المرابطين وبالتحديد الى إشبيلية والتي إستقبله أهلها بحفاوة كبيرة، كما وكأنه قضى على الصليبيين، ثم تحرك تاشفين بجيشة الى بطليوس القريبة من منطقة الزلاقة أرض المعركة، وهناك اجتمع مع المعتمد بن عباد الذي جمع جنوده هو الأخر من اجل المعركة الكبرى،  فيما اتفق الثنائي على فتح باب الجهاد لمواجهة الصليبيين، وهو ما وصل الى ألفونسو السادس ملك قشتاله، والذي دعى لحشد عساكره هو الأخر، فكان مطمئناً قبل وصول جيش المرابطين بسبب ضعف حكام الأقاليم، ومن هنا تحرك ألفونسو من طليطلة.

الطريق الى معركة الزلاقة

إنهالت اعداد كبيرة من المسلمين من أجل الألتحاق بجيش المرابطين الى ان وصل العدد لنحو 30 ألف مقاتل جاءو من كل فج عميق بالأندلس ، من اجل أول معركة كبيرة شهدتها الجزيرة الإيبيرية منذ زمن، تحرك الجيش الإسلامي بقيادة يوسف بن تاشفين بطل معركة الزلاقة وقائد المرابطين نحو الزلاقة، وفي الجانب الأخر يعد الصليبيين عدوهم من اجل المعركة الكبرى لقطع اخر معاقل الدولة الإسلامية في المنطقة، وبالفعل جمعوا اكثر من 300 ألف مقاتل كما ورد في بعض الكتب التاريخية، لاسيما وان هناك الكثير من الدعوم  وصلت الى الصليبيين من الدول الأوربية المسيحية التي تريد إنهاء الدولة الإسلامية.

المعتمد بن عباد يكشف خبث ألفونسو السادس

أرسل ألفونسو السادس ملك قشتاله رسالة الى يوسف بن تاشفين من اجل تحديد يوم معركة الزلاقة أو معركة سهل الزلاقة، مفادها ان يوم الجمعه القادم هو يوم مقدس لكم ولا نريد ان نخوض قتال فيه، بينما يوم السبت فهو خاص باليهود، وما أكثرهم عندنا فنمتنع ايضاً عن الحرب خلال هذا اليوم، بينما الأحد وهو عيدنا، فيجب ان نحترم اعياد بعضنا البعض، وليكن يوم الأثنين هو يوم المعركة الكبرى.

كاد يوسف بن تاشفين ان يصدق ما قاله هذا الملك المخادع في رسالته، خاصة وان يوسف لم يسبق له وان خاض معركة ضد الصليبيين، ويظن ان كلمة الملوك لا تسقط هبائاً، لولا تحذير المعتمد بن عباد، الذي اخبر يوسف ان تلك الرساله ما هي إلا خديعه وغدر يجب ان نحترس من مضمونها ونفعل العكس.



خطة معركة الزلاقة 

تفاجأ المسلمين بهجوم ألفونسو السادس وجيشه عليهم يوم الجمعة 12 رجب عام 479 هجرياً، إلا ان المسلمين كانو على علم بما سيفعله الصليبيين من نقدهم للعهد الذي تعهد به مالكهم ألفونسو السادس، ونشبت معركة طاحنة بين الجيشين، وكانت خطة الجيش الإسلامي عبارة عن تقسيم الجيش الى ثلاث فرق

1- الفرقة الأولى: تتكون من الجيش الأندلسي بقيادة المعتمد بن عباد، بجانب عدد من ملوك المنطقة الأندلسية

2- الفرقة الثانية: بقيادة المرابطي داود بن عائشة، وتسلمت مهام مؤخرة الجيش الأندلسي

3- الفرقة الثالثة: وتتكون من جيش المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين قائد المسلمين في معركة الزلاقة، والتي ستتمركز خلف التلال حتى تخر قوة الصليبيين والمسلمين، فيهجموا في الوقت المناسب لترجيح الكافة المسلمة.


معركة سهل الزلاقة

إستطاع المعتمد وجيشة ان يظهروا شجاعة كبيرة خلال معركة الزلاقة أو معركة سهل الزلاقة والتي تعتبر أول معركة كبيرة تشهدها الجزيرة اليبيرية، لاسيما وانهم إستطاعوا ان يفرقوا صفوف الجيش الصليبي، فيما هاجم يوسف بن تاشفين بعد فترة من الزمن مع جيش المرابطين، مما ضعف الجيش الصليبي وتسبب في القضاء على الكثير منهم، حيث تناثرت جثث فرسانه يميناً ويساراً، مما تسبب في هروب ألفونسو السادس، بعد ثلاث أيام من الحرب، والتي شهدت إبادة كبيرة لجيشة، ليتم بعدها إقامة دولة المرابطين بالأندلس.