الدولة العثمانية ما بين صحوة أرطغرل وتأسيس عثمان

الدولة العثمانية ما بين صحوة أرطغرل وتأسيس عثمان


عثمان وارطغرل صورة واحدة

الدولة العثمانية: هي كلمة تلخص 600 عام من الجهاد في سبيل الله من أجل إعلاء كلمته في الأرض، ووصلت بالفعل الى تحقيق مرادها وأهدافها، ولكن هناك الكثير من اعداء الإسلام يحاولن التشكيك في سلاطينها والتنكيل بهم، لاسيما وان ذلك التشكيك كان وراء سقوطها في عهد عبد الحميد الثاني أخر السلاطيين العثمانين سنة 1922، فكيف اسس عثمان بن ارطغرل ابو الملوك الدولة العثمانية؟ ولماذا لم يؤسسها ارطغرل؟ سنتناول في السطور القادمة غجابة تلك الأسئلة بشكل مبسط.


كيف اسس عثمان بن ارطغرل الدولة العثمانية؟


قبل ان نخوض في غمار تأسيس عثمان للدولة العثمانية، دعونا نتعرف اولاً على ابو الملوك، عثمان بن ارطغرل بن سليمان شاه، ولد عام 1258، كان الأبن المدلل لأرطغرل أمير القبائل ورئيس قبيلة "الكاي"، التركية وأقواها في المنطقة، ترعرع عثمان على اصوات السيوف التي كانت تعلوا بشدة في فترة حكم والده ارطغرل، المؤسس لتنظيم الأخوة الجهادي المكون من بامسي ألب وتورغوت ألب والكثير من المحاربين العظماء، الذين خلدو في التاريخ الإسلامي بحروف من ذهب، حلم تأسيس دولة إسلامية لم يراود عثمان من فراغ، ولكنه زرع في داخله من قبل الشيخ اده بالي ابو بالا التي تزوجها عثمان فيما بعد.

المعروف عن ارطغرل بأنه شخص ذو بأس يريد ان يرفع راية الجهاد في ربوع الأرض تحت شعار إسلامي واحد، فكان يجهز نسله من اجل تلك اللحظة الفارقة، فأرسل عثمان الى صديقة اده بالي او كما معروف بالعربية "الأديب علي"، من اجل ان يستنبض منه دروس روحانية وإيمانية تساعده على المضي قدماً في مشروع والده الإسلامي، والذي كان يحلم به أرطغرل منذ نعومة اظافرة.


ولد عثمان عام 656ه، 1258م، وهو نفس العام الذي هاجم فيه المغول بقيادة هولاكو خان الدولة العباسية ببغداد واسقطها، وكأن الله عز وجل عوض الأمه الإسلامية بما سيعيد امجاد الإسلام مره اخرى، مستجيباً لدعوة ارطغرل الذي تدرع الى الله تزامناً مع معرفته بسقوط الدولة العباسية، وطلب منه ان يكون عثمان خير خلف صالح، يبدل الهزيمه الى نصر مبارك ويؤسس دولة ترفع راية الجهاد، وتتخذ الدين رفيقاً، وبالفعل بعد ان وصل عثمان الى ريعان شبابه وبعد ان تعلم الكثير والكثير على يد الشيخ اده بالي، الذي يعتبره الكثير من المؤرخين المؤسس الروحي للدولة العثمانية، خرج عثمان من اجل الجهاد في سبيل الله، وعلى طريقة والده ارطغرل اسس تنظيم جهادي من اقوى المحاربين في المنطقه، وعلى رأسهم سامسا جاويش المجاهد الشهير.


تولى عثمان زعامة قبيلة "الكاي"، بعد وفاة والده ارطغرل، على الرغم من انه كان اصغر اشقائه الأثنين غندوز وسافجي، ولكنه كان اكثرهم خبره سياسية واقواهم قتالياً، من هنا ذاع صيت عثمان بن ارطغرل في ربوع انحاء الأناضول واصبح له مكانه كبيره في الدولة السلجوقية التابع لها هو وقبيلته، والتي سيتم الهجوم عليها من قبل المغول، وستسقط لتفتح الطريق على مصرعيه لعثمان من اجل تأسيس الدولة العثمانية لتحكم بالشريعة الإسلامية، والتي لطالما حلم بتأسيسها.


بات عثمان في وضع لا يحسد عليه، فأصبح اعدائه كثر فكان يحارب على الجبهه ضد البيزنطيين، وفي الجبهه الأخرى يحارب ضد الإمارات التركمانية، التي كانت تكن له كل غل وضغينة، خاصة إمارة الكرميانية، وعلى الرغم من ان عثمان لم يلتفت كثيراً للإمارات التركمانية بسبب إنشغاله في حروبه ضد الصليبيين، إلا ان الإمارات التركمانية كانت تسبب له عائق، تخطاه مع زئير قوته وتوسعه في فتح الكثير من الأراضي البيزنطييه، ورفع راية الإسلام عليها.

عثمان بن ارطغرل لم يكن محارب عادي، ولكنه كان مقدام وشجاع لدرجه كبيره، ساعدته في فتح الكثير من القلاع الصليبيية الحصينه، إستخدم خلال الفتوحات أساليب من الخطط العسكرية المميزه، التي ساعدته في الإسراع لإعلان تأسيس الدولة العثمانية على ارض الأناضول، ولم يجرأ احد في معارضته، ساعده اشقائه في فتوحاته حتى إستشهد سافجي في معركة "إكزاجة"، ضد الروم، تلاها فتح قلعة "قراجة حصار"، وقلعتي "بيلة جك"، و"اينة كول"، بمساعدة القائد المحنك درغوث ألب صديق والده.

أسس عثمان بن ارطغرل الدولة العثمانية لأنه كان لا يهاب احد، فمعظم قتوحاته كانت شبه مستحيله ولكن تصميمه على رفع راية الإسلام فوق اسوار تلك القلاع، جعله ينتصر على الكثير من الأعداء ويؤسس دولة من اكبر الدول الإسلامية التي أستمرت تحكم لعقود طويلة.


لماذا لم يؤسس ارطغرل دولة إسلامية؟


كان ارطغرل بن سليمان شاه يحلم بتأسيس دولة إسلامية، يكون مقرها الأناضول، وتتوسع في فتوحاتها حتى تشمل ربوع الأرض من شرقها الى غربها، وبالفعل جهز ارطغرل كل ما يلزم من اجل تنفيذ مشروعه الإسلامي الضخم، حتى انه سك عمله عليها اسمه، وذلك على علم من علاء الدين كيكوباد السلطان السلجوقي، الذي كان يدعم ارطغرل بعد ان ساعده في الكثير من الحروب ضد الصليبيين والمغول، كما ان علاء الدين كيكوباد أقتطع جزء كبير من الأراضي السلجوقية وأعطاها الى ارطغرل، وعينه امير القبائل في المنطقة، ولكن ارطغرل كان موالي بشكل كبير للدولة السلجوقية، وكان من الصعب ان يطلع من عبائتها بسهولة، خاصة وانه كان يعتبر كل من يفعل هذا يخون وطنه، على عكس عثمان التي اتيحت له الفرصه وسقطت الدولة السلجوقية في عهده، مما سهل عليه إقامة دولة جديدة، تحمل أسمه وتحكم على الشريعة الإسلامية.