معركة كوت العمارة .. ليلة سقوط البريطانيون (صور حقيقية)



معركة كوت العمارة

معركة كوت العمارة .. ليلة سقوط البريطانيون (صور حقيقية)

معركة كوت العمارة من اهم المعارك التي خاضتها الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى ، والتي حققت فيها انتصار كبير على الإمبراطورية البريطانية ، بعد ان ازلتهم  بحصار مدينة "الكوت"، العراقية التي تقع بالتحديد في جنوب بغداد ، حيث يفصلهم عن بعضهم حوالي 180 كم ، الحصار جاء بهدف تحرير مدينة الكوت من ايدي الإنجليز المدعومين بجنود من الهند ، وهو ما جعل المعركة تزداد صعوبه في وجه العثمانيون ، ولكن الأخير إستطاعوا ان  يحققوا إنتصار لم تشهدة الدولة العثمانية لاكثر من مائتي عام .

اسباب معركة كوت العمارة

عقدت الإمبراطورية البريطانية النية على إحتلال العراق ، التي كانت تحت حماية الدولة العثمانية إنذاك، وعلى الرغم من إنشغال العثمانيون في الحرب العالمية الأولى بأكثر من جبهه ، وخسائرهم الفادحة في حربهم ضد الروس والتي قدرت بأكثر من 90 ألف جندي ، ناهيك عن عدد الجبهات الاخرى التي كانت مشتعله بدفاع العثمانيون عن الدول التي كانت تحت حمايتهم ومنهم :"فلسطين، وسوريا، وسيناء، وبلاد الحجاز وغيرهم من الجبهات"، وفي ذلك الوقت لم تكن الدولة العثمانية على اتم إستعداد قتالي للدفاع عن تلك الدول في أكثر من جبهه .

الجنرال طاونزند يحتل البصرة

إنطلقت القوات البريطانية باتجاه العراق من اجل إحتلالها رغماً عن الدولة العثمانية المشغولة في أكثر من معركة ، حيث ان البريطانيون كان لديهم يقين من النصر في تلك المعركة المحسومة ، نظراً لعدة عوامل منها خسائر الدولة العثمانية الفادحة التي تلقاتها في اكثر من دولة، كما ان الدولة العثمانية لم تحقق إنتصار منذ أكثر من مائتي عام، من هنا إستطاع الجنرال البريطاني طاونزند من تطويق القوات العثمانية وإحتلال البصرة ، ثم جهز القوات البريطانية من اجل الخروج الى بغداد للسيطرة عليها كما فعل في البصرة .

حصار الكوت

القائد نور الدين وإحتلال بغداد

واثناء ما كان الجنرال طاونزند في طريقة الى بغداد وبالتحديد في مدينة سليمان بك،  فاجأة الجيش العثماني بقيادة نور الدين ، ونشبت بينهم معركة طاحنة استمرت لساعات ، تلك المعركة كانت اللطمة الأولى على وجه القوات البريطانية من الجيش العثماني ، بعد خسارتهم  أكثر من ثلث جنودهم في تلك المعركة ، وهو ما أجبر الجنرال طاونزند على الانسحاب من المعركة والتوجه نحو مدينة الكوت مرة أخرى حتى لا يتم القضاء على جميع قواته .

حصار الكوت

في 7 ديسمبر عام 1915 قامت القوات العثمانية المنتصرة بحصار مدينة الكوت ، من هنا ارسل القائد نور الدين رسالة الى الجنرال طاونزند يدعوه خلالها الى الإستسلام وتسليم سلاح قواته الى القوات العثمانية مع ضمانة خروجهم امنين، ولكن قابل الجنرال طاونزند الرسالة بالرفض والتزمر، من هنا أمر نور الدين قواته بفتح نيران المدافع على مدينة الكوت وبالتحديد على القوات البريطانية المتمركزة داخل مدينة الكوت التي لا تتعدى مساحتها الأربع اميال .

الجنرال طاونزند يهدم بيوت الكوت

بعد ان شعر الجنرال طاونزند بإقتراب القوات العثمانية من تحقيق إنتصار كبير على قواته البريطانية ، لجأ الى هدم بيوت سكان الكوت لتمر السيارات الضخمة التابعة للجيش البريطاني بينها ، كما هدم سوق البلدة الرئيسي وحولة الى مستشفى خاصة بجرحه قواته الذين قدرت اعدادهم بالمئات .

القائد نور الدين يستكمل حصار مدينة الكوت

القائد نور الدين يستكمل حصار مدينة الكوت

قام القائد نور الدين بتشديد الحصار على القوات البريطانية داخل الكوت، حيث وصل مدته لأكثر من أربعة أشهر ونصف الشهر ، حتى نفذت جميع المؤن التي كان يخزنها الجيش البريطاني ، الى أنهم لجأو لتناول الأحصنة الخاصة بهم، ولكنها نفذت هي الاخرى ، فلجأ  الجنود البريطانيون لتناول القطط والكلاب من الشوارع وباتت حالتهم مزرية ، ووصل الأمر لتساقطهم ارضاً واحداً تلو الأخر من شدة الجوع، وسط تعنت من الجنرال طاونزند الذي رفض الإستسلام نهائياً مهما كلف من خسائر، منتظراً دعم من المملكة البريطانية لإنقاذه ، ولكن مع نفاذ المؤن والخشب المستعمل في التدفئة ، اصبح الجنود البريطانيون يعانون من الجفاف كما لجأ بعضهم لسرقة الصلبان الخشبية التي تزين مقابر جنودهم ، حتى يشعلو بها نار للتدفئة.

البريطانيون يحاولون فك الحصار

مع مرور الوقت جن جنون الإنجليز الذين حاولوا فك الحصار بشن هجوم بري بقيادة الجنرال إيلمر، وذلك في 6 يناير عام 1916، ولكنهم أنسحبوا بعد مقتل أكثر من 4 ألاف جندي من صفوفهم، وباتت الإمبراطورية البريطانية في موقف صعب مع مرور الوقت وتزايد قوة وصلابة العثمانيون في فرض الحصار .

عزل القائد نور الدين وتعين خليل باشا

وفي عز ما كان الجيش العثماني يفرض سيطرته بقوة في حصار مدينة الكوت ، صدر أمر عثماني بإقالة القائد نور الدين باشا وتعين خليل باشا بدلاً منه في قيادة الجيش لإستكمال معركة كوت العمارة ، وهو ما علم به البريطانيون فتصورو ان معنويات الجنود العثمانيون قد تاثرت بإقالة قائدهم نور الدين، فهجموا عليهم على أمل فك الحصار، وذلك بعد سبع أيام فقط من إقالة القائد نور الدين، فقابلهم العثمانيون بقوة وشجاعه وقتلوا منهم 1600 جندي،  لم يتوقف الجيش البريطاني عند هذا بل حاولوا للمره الثالثه فك الحصار ولكن فقدوا أكثر من 2700 جندي ايضاً، وفي ظل المحاولات البائسة من قبل الجيش البريطاني حاول الجنرال إيلمر من شن هجوم رابع وهو الأعنف ، حيث وقع اكثر من 21 ألف جندي بريطاني ما بن جريح وقتتيل، من هنا تمت إقالة الجنرال إيلمر، بعد ما اوصل الجيش البريطاني الى حالة مزرية حيث اصبح جنوده يعانون من الجفاف المكحف ولا يستطيعون فك الحصار حتى ولو كان للهروب خارج جحيم الكوت.

الجنود البريطانيون يعانون من الجفاف

شرف الإمبراطورية البريطانية يسقط  أمام العثمانيون

 فشل الإمبراطورية البريطانية من فك الحصار عن الكوت، جعلهم يحاولون دفع الاموال الى العثمانيون حتى يتم الإفراج عنهم من الحصار الذي كبدهم خسائر فادحة ، حيث عرض الجنرال طاونزند على القائد العثماني المعين حديثاً خليل باشا مليون جنية ، مقابل فك الحصار عن جيشة وتمهيد الطريق لهم للذهاب الى الهند، من هنا أخبر خليل باشا القيادة العثمانية بما حدث، والتي رفضت العرض المقدم من الجنرال طاونزند مؤكدين ان الأموال لاتعنيهم في شيء.

سقوط سفينة دعم البريطانيون في ايدي القوات العثمانية

حاول الإنجليز إرسال الدعم الى جيشهم المحاصر في مدينة الكوت ، حتى يستطيع ان يستعيدو أنفسهم مره أخرى بعد الحصار القوي الذي فرض من قبل الجيش العثماني، ولكن اثناء توجه السفينة الى ميناء الكوت ليتسلمها البريطانيون، قامت القوات العثمانية بالسيطره عليها والقبض على طاقمها، بعد ان اطلاق وابل من الرصاص تجاهها ، من هنا استسلم اخيراً الجنرال طاونزند، دون اي شروط بعد ان جفت كل محاولاته لفك الحصار ، وذلك في يوم 26 ابريل عام 1916، ليحقق العثمانيون إنتصار هو الاكبر منذ اكثر من مائتي سنه قبل المعركة.

ما ترتب على معركة الكوت

قام القائد خليل باشا بإرسال خطاب الى الجيش العثماني، يستعرض خلاله خسائرهم في معركة الكوت وخسائر البريطانيون ايضاً، حيث نوه ان الجيش العثماني إستشهد منه :
  •  350 ضابطاً - و10 ألاف جندي

بينما قدرت خسائر البريطانيون :

  • 13 ضابط برتبة جنرال -  و481 ضابطاً برتب مختلفة

  •  كما قام 13300 جندي بريطاني بتسليم انفسهم للعثمانيون

 كما كبدت القوات الخارجية التي حاولت فك الحصار، خسائر قدرت:


  •  بمقتل حوالي 30 ألف جندي، ناهيك عن إنسحابهم أمام الجيش العثماني