«أسد الأندلس ورمز عزتها».. الحاجب المنصور الرجل الذي هز عرش اوربا.. وفتح اراضي لم يصل لها اي مسلم من قبله

قال ألفونسو بصوت عالي :"أما تروني اليوم قد ملكت بلاد المسلمين والعرب، وجلست على قبر أكبر قادتهم، فرد عليه احد الموجودين وقال له :"والله لو تنفس صاحب هذا القبر لما ترك فينا واحداً على قيد الحياة، ولا أستقر بنا قرار، ألفونسوا غضب كثيرا مما قاله ذلك الرجل، وسحب سيفه وكاد ان يقتله، لولا تدخل زوجة الفونسوا، والتي تشبثت بذراعه وقالت :"صدق المتحدث أيفخر مثلنا بالنوم فوق قبره، والله إن هذا ليزيده شرفاً حتى بموته لا نستطيع هزيمته، والتاريخ يسجل إنتصارا له وهو ميت، قبحاً بما صنعنا وهنيئاً له النوم تحت عرش الملوك.

من هو الحاجب المنصور ؟

يدعى بالحاجب المنصور، ولكن اسمه الحقيقي محمد ابن أبي عامر، اتولد سنة 327 هجرياً 939 ميلادياً، بجنوب الأندلس، دخل متطوعا في جيش المسلمين واصبح قائد للشرطة بقرطبة، ذلك المنصب الذي ساعده ومهد له الطريق، للوصول الى سدة الحكم، حيث تقلد بعد ذلك المنصب ليصبح مستشار لحكام الأندلس، ثم أمير الأندلس وقائد الجيوش، دخل 50 معركة بالجيوش الإسلامية انتصر فيها جميعها.

الحاجب المنصور الرجل الذي لم يهزم قط

لم يذق الحاجب المنصور مرارة الهزيمة امام الصليبين، رفع راية الإسلام ولم يسقطها من يده طوال فترة حكمه، حيث قام بفتح اراضي لم تطأ عليها قدم مسلم من قبله، لويعتبر البعض ان حربه ضد ليون من اكبر المعارك التي خاضها، حيث تجمعت ضده في تلك المعركة الجيوش الأوربية بجانب جيش ليون، ولكنه إستطاع ان يقتل معظم قادة الدول التي دخلت ضده في معركة ليون، لم ينتهي الأمر هنا، ولكنه امر برفع الأذان للصلاة في المدينة.

لم يكن الحاجب المنصور شخصاً عادياً، بل كان رجلاً مسلماً يهب حياته للجهاد ورفع راية الإسلام فقط، لدرجة انه كان يجمع التراب من على ملابسه بعد كل معركه يخوضها، ويضعه في قارورة، وأوصى ان تلك القارورة تدفن معه، من اجل ان تكون شاهده لصالحه عند الله يوم العرض للحساب.

تميز الحاجب المنصور، بالكثير من الصفات والتي تشبه الى حد كبير صفات جده عبدالملك المعافري، ذلك البطل الذي رافق طارق ابن زياد اثناء فتح الأندلس، اما عبدالله ابن عامر والد الحاجب المنصور، فكان رجل من الزاهدين، الذين عاشوا في الدنيا، من اجل الدين فقط، لدرجة انه توفى اثناء عودته من اداء مناسك فريضة الحج، فيما امتلك الحاجب المنصور او محمد ابن ابي عامر طموح وإصرار للوصول لكرسي الحكم، لنصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان.

عسكري وسياسي بدرجة فقيه

لم يملك الحاجب المنصور، مهارات عسكريه فقط، ولكنه تعلم الكثير من امور الدين، حيث وصل لمرتبة فقيه، مما ساعده بشكل كبير، على العمل في وظيفة كاتب، وذلك للقاضي محمد ابن إسحاق، الذي شعر بأن الحاجب المنصور مختلف كثيراً عن ابناء جيله، لكونه يمتلك الكثير من العلوم، وعندما اكتشف القاضي محمد ابن إسحاق فطنة الحاجب المنصور، أوصى جعفر ابن عثمان المصحفي، بترشيح الحاجب المنصور، حتى يعمل في وظيفة وكيل لعبدالرحمن أول ابناء خليفة الأندلس الحكم المستنصر، وبالفعل تم تعين الحاجب المنصور بموافقه من ام عبدالرحمن، وذلك في عام 356 هجرياً، لتكون تلك الوظيفة الإنطلاقة الحقيقية للحاجب المنصور، الذي اصبح قريب جداً من الخليفة الحكم المستنصر، وهو ما مهد الطريق امامه ليتولى دار السكه في نفس العام.

تدرج الحاجب المنصور في الوظائف

اثناء فترة تعايش الحاجب المنصور في قصر حكم المستنصر توفى عبد الرحمن الطفل الصغير، ولكن زوجة الحكم المستنصر انجبت طفلاً أخر يدعى هشام، فتولى الحاجب المنصور وكالته ايضاً، وذلك لثقتهم فيه وذلك في عام 359 هجرياً، وفي ظل ثقة الحكم المستنصر التي تزيد يوماً تلو الأخر في الحاجب المنصور، بدأ يتقلد عدد من الوظائف الى ان اصبح قاضياً لاشبيلية ولبلة في عام 358 هجرياً، واستمر فترة في هذا المنصب الى ان عين مديراً للشرطة الوسطى في سنة 361 هجرياً، وتدرج مره أخرى ليتولى الحاجب المنصور الأمانات بالعدوة، واظهر خلال تلك الوظيفة مهارة كبيرة، مما جعل الأهالي يثقون فيه بشكل كبير، الى ان اصبح قاضي القضاة لبلاد الشمال الأفريقي، بعدها مرض الحكم المستتصر مرض شديد، واثناء مرضه وقبل ان يفارق الحياة عين الحاجب المستنصر ناظراً على الحشم.

تابعونا في الجزء الثاني من المقال لنسرد باقي بطولات الحاجب المنصور اضغط هنا.